ذكريات من رحلة عرفات لتوقيع أوسلو

سبت, 09/09/2017 - 09:10

ﻫﺬﻩ ﺃﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﺳﻴﺮﺗﻔﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻢ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻣﺤﺮﺭﺓ . ﻫﺬﺍ ﻣﻜﺴﺐ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﻥ ﺷﻌﺒﻨﺎ ﺛـُــــﺒّــﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺮﻳﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ …« ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻳﺎﺳﺮ ﻋﺮﻓﺎﺕ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﻃﺎﺋﺮﺗﻪ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ‏« ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ‏» ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﺳﻤﻪ ﺍﻷﺷﻬﺮ ‏« ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺃﻭﺳﻠﻮ ‏» .
ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺣﻔﻞ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻓﻲ 13 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ / ﺃﻳﻠﻮﻝ 1993 ، ﻛﺎﻥ ‏« ﺍﻟﺨﺘﻴﺎﺭ ‏» ﻓﻲ ﺻﺎﻟﻮﻧﻪ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻣﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﻫﻞ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ . ﺃﻧﻬﻚ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﺑﻜﻢ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻼﺕ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻴﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﻣﻶﻧﺔ ﺑﻤﺮﺍﺳﻠﻲ ﻛﻞ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎﺀﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻤﺼﺎﺣﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ .
ﻛﺎﻥ ﻣﺮﻭﺍﻥ ﻛﻨﻔﺎﻧﻲ ﻣﺴﺘﺸﺎﺭﻩ ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻭﺃﺣﺪ ﺃﻗﺮﺏ ﻣﺴﺎﻋﺪﻳﻪ ﻳﻄﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻴﻦ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﺧﻠﻒ ﺳﺘﺎﺭ ﺟﻨﺎﺡ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻴﻨﺎﺩﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺮﺍﺳﻞ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ﻓﻴﺒﻘﻰ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﺛﻢ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﻣﻦ ﻳﻠﻴﻪ ﻭﻫﻜﺬﺍ . ﻛﻨﺖ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﻧﻮﺩﻱ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺭﻏﻢ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ ﺇﺫﺍﻋﺔ ‏« ﻣﻮﻧﺖ ﻛﺎﺭﻟﻮ ‏» ﻣﻦ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﺳﺎﻁ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ . ﺗﺒﺪﺩ ﻗﻠﻘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﺳﻠﻤﺖ ﻭﺟﻠﺴﺖ، ﻛﺎﻥ ‏« ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺎﺭ ‏» ﻗﺪ ‏« ﺍﺳﺘﻮﻯ ‏» ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻣﻦ ﺗﺮﺩﻳﺪ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ .
‏« ﺃﻗﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻲ ﻭﺭﺑﻌﻲ، ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺒﺎﺋﻲ ﻭﺭﻓﺎﻗﻲ، ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺿﻠﻴﻦ، ﺃﻃﻔﺎﻻ ﻭﻧﺴﺎﺀ ﻭﺭﺟﺎﻻ، ﻧﺤﻦ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻋﺪ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺼﺮ، ﻧﺤﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻋﺪ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺠﺮ …« ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻟﻲ، ﻭﻟﻐﻴﺮﻱ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ . ﻭﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺗﺤﻴﻞ ﻫﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺩﺭﻭﻳﺶ ﻓﻲ ﺃﺭﺑﻌﻴﻨﻴﺔ ﻋﺮﻓﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﻥ ‏« ﺃﻓﻌﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪ، ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻠﻎ ﺣﺪ ﺍﻟﺘﻤﺎﻫﻲ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻗﺪ ﺃﻭﺻﻠﺖ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺷﺪ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺣﻠﻜﺔ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﻖ ﺍﻟﻔﺠﺮ، ﻓﺠﺮ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﻤﺮ، ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻠﻜﺄ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺠﺮ، ﻭﻣﻬﻤﺎ ﺃﻗﻴﻤﺖ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺃﺳﻮﺍﺭ ﺍﻟﻈﻼﻣﻴﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ‏» .
ﺭﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺪﺭ ﻓﻲ ﺧﻠﺪ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺩﺭﻭﻳﺶ ﻭﻻ ﻳﺎﺳﺮ ﻋﺮﻓﺎﺕ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ، ﺃﻥ ﺣﻠﻜﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺳﺘﺼﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺪﻯ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻌﻴﺸﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ، ﻭﻻ ﺑﺰﻭﻍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﺮ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺑﻜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﻌﺼﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺭﺓ . 24 ﻋﺎﻣﺎ ﻛﺎﻣﻠﺔ، ﺗﺮﺍﺟﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻟﻴﺘﻘﺰﻡ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﻧﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻪ . ﻛﺎﻥ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺃﻭﺳﻠﻮ ‏« ﻣﻐﺎﻣﺮﺓ ‏» ﻓﻲ ﺣﺪﻩ ﺍﻷﺩﻧﻰ ﻭﻓﻖ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻨﻴﻦ ﻫﻴﻜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺼﺢ ﻋﺮﻓﺎﺕ، ﻭﻓﻖ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻟﻲ ﺷﺨﺼﻴﺎ، ﺑﺄﻥ ﻳﺨﻮﺽ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻀﻊ ﻛﻞ ﺑﻴﻀﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻠﺔ، ﻭﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺃﻻ ﻳﻌﻮﺩ ﻫﻮ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ، ﺃﻥ ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﻟﺸﺘﺎﺕ ﻭﺃﻥ ﻳﺮﺍﻗﺐ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺼﺒﺢ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺭﻫﻴﻨﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ .. ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻟﻸﺳﻒ . ﻛﺎﻥ ﻋﺮﻓﺎﺕ ﻣﺴﻜﻮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﻋﻠﻰ ﺯﻋﺎﻣﺘﻪ، ﺑﺪﺳﺎﺋﺲ ﺗﻄﺒﺦ ﻫﻨﺎ ﺃﻭ ﻫﻨﺎﻙ، ﻗﺪ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺘﻠﻤﻴﻊ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺑﺪﻳﻠﺔ ﺗﺴﺤﺐ ﺍﻟﺒﺴﺎﻁ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ﺃﻗﺪﺍﻣﻪ . ﻫﻞ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﻘﺎ ﻓﻲ ﺗﻮﺟﺴﻪ ﻫﺬﺍ؟ ﺭﺑﻤﺎ .
ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﻋﺮﻓﺎﺕ ﺑﻨﺼﻴﺤﺔ ﻫﻴﻜﻞ، ﻭﻻ ﺑﻨﺼﻴﺤﺔ ﻏﻴﺮﻩ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ، ﻇﻦ ﺃﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﻣﻮﻃﺊ ﻗﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻛﻔﻴﻞ ﺑﺄﻥ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ ﺃﻓﻀﻞ ﻟﺘﺠﺴﻴﺪ ﺣﻠﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ‏« ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺷﺒﺮ ﻳﺘﻢ ﺗﺤﺮﻳﺮﻩ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻼﺀ ﻣﻨﻪ ‏» ﻭﺭﺍﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺑﻼ ﺷﻚ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﺬﻟﻚ . ﺃﻣﺎ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻓﺮﺍﻫﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮ ﺁﺧﺮ، ﺧﻄﻄﺖ ﻟﺘﺠﻮﻳﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ‏« ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺳﻢ ‏» ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎ، ﻭﺑﻔﻌﻞ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻣﻮﺍﺯﻳﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﺔ، ﺇﻟﻰ ﻣﺠﺮﺩ ﻭﺳﻴﻂ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ، ﻭﻟﻢ ﻻ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﻋﻦ ﺍﺣﺘﻼﻟﻬﺎ ﻫﺬﺍ، ﻣﻊ ﺳﻌﻲ ﺣﺜﻴﺚ ﻭﻳﻮﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﺰﻳﻢ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻭﺇﻓﺴﺎﺩ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ ﻭﺗﺸﻮﻳﻪ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﻭﺣﺮﻓﻪ . ﻛﺎﻥ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻋﺮﻓﺎﺕ ﻭﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﻴﻦ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، ﻭﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺷﻴﻄﺎﻧﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺟﻴﺒﻪ، ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻳﻨﺘﺼﺮ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﻤﺪﻋﻮﻡ ﻻ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺬﻟﻪ ﻗﻮﻣﻪ ﻭﺍﻟﻤﺤﻴﻄﻮﻥ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ .
ﻳﻮﻣﻬﺎ ﺩﻋﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺠﻞ ﻷﺧﺬ ﺟﻮﺍﺯﺍﺕ ﺳﻔﺮﻧﺎ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﻘﻨﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﺴﻔﺎﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻻﺳﺘﺼﺪﺍﺭ ﺗﺄﺷﻴﺮﺓ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ، ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻣﺰﺩﺣﻤﺎ ﺑﻜﻞ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻴﻴﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﻛﻞ ﺍﻟﻄﺎﻗﻢ ﺍﻟﻤﺼﺎﺣﺐ ﻟﻌﺮﻓﺎﺕ ﺍﻷﻣﻨﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻬﺆﻻﺀ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺎﺋﺰﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺷﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻳﻌﺘﺒﺮﻩ ﻭﻗﺘﻬﺎ ‏« ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺇﺭﻫﺎﺑﻴﺔ ‏» . ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﻟﺔ ﻃﻮﺍﺭﺉ ﺍﺳﺘﺪﻋﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﻘﻨﺼﻠﻲ ﺃﻥ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻹﻧﻬﺎﺀ ﻛﻞ ﻣﻌﺎﻣﻼﺕ ﺍﻟﺘﺄﺷﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﻭﻗﺖ ﺣﺼﻮﻟﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﺳﻮﻯ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺔ .
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻄﻘﺲ ﻣﺸﻤﺴﺎ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﻘﺔ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻭﺍﻟﻜﻞ ﻣﺄﺧﻮﺫ ﺑﺎﻷﺟﻮﺍﺀ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﻓﻘﺖ ﺍﻟﺤﺪﺙ . ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﻞ ﻛﺒﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺻﻔﺤﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﺘﺤﺖ … ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ، ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻈﻦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮﻥ . ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺫﻟﻚ ﻣﺒﻜﺮﺍ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻲ ﻫﻨﺮﻱ ﻛﻴﺴﻨﺠﺮ، ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﻷﺷﻬﺮ، ﻳﻐﺎﺩﺭ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﻔﻞ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﺘﺴﻢ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ … ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻭﺣﻴﺪﺍ …
بقلم محمد كريشان
٭ ﻛﺎﺗﺐ ﻭﺇﻋﻼﻣﻲ ﺗﻮﻧﺴﻲ

القسم: