ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺣﻮﺻﺮ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺷﻌﺐ ﺑﻨﻲ ﻫﺎﺷﻢ ﻣﻊ ﺛﻠﺔ ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺑﺘﻪ ﻭﻗﺮﺍﺑﺘﻪ ﻣﺪﺓ ﺛﻼﺙ ﺳﻨﻮﺍﺕ .
ﻓﺸﻞ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺧﺮﻗﻪ ﺭﺟﺎﻝ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ ﺍﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢ ﻭ ﺃﻧّﺒﺘﻬﻢ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺤﺼﺮﻭﺍ ﻗﺮﺍﺑﺘﻬﻢ ﻭﻳﻤﻨﻌﻮﻫﻢ ﺍﻟﻤﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﻮﻥ .
ﺧﺮﺝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﺰﻳﺰﺍ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ، ﻭﻣﻌﻪ ﺻﺤﺎﺑﺘﻪ ﻭﻗﺮﺍﺑﺘﻪ ﻟﻢ ﻳﻤﺴﺴﻬﻢ ﺳﻮﺀ، ﻭﺑﻘﻲ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﻭﺻﻤﺔ ﻓﻲ ﺟﺒﻴﻦ ﻣﻦ ﺩﺑﺮﻭﻩ ﺑﻠﻴﻞ .
ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺃﻳﻀﺎ ﺗُﺒْﺘﻠﻰ ﻭﺗُﻤْﺘﺤﻦ ﻛﻤﺎ ﻳُﻤﺘﺤﻦ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ، ﺍﺟﺘﺒﺎﺀ ﻭﺗﻜﺮﻳﻤﺎ، ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻬﺮ ﺍﻟﻨُّﻀﺎﺭ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ، ﻓﻴﺨﺮﺝ ﺍﻟُّﻠﺠﻴْﻦ ﺫﻫﺒﺎ ﺇﺑﺮﻳﺰﺍ ﻭﻳﺬﻫﺐ ﺍﻟﺰﺑﺪ ﺟُﻔﺎﺀ ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﺣﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻡ ﺇﻻ ﺍﺯﺩﺍﺩﻭﺍ ﻋﺰﺍ .
ﻣﻦ ﺷَﻌْﺐ ﺑﻨﻲ ﻫﺎﺷﻢ ﺇﻟﻰ ﺩﻭْﺣﺔ ﻗﻄﺮ، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺩﻭﺭﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺒﻌﺜﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ ﻭﺃﺭﺑﻌﻤﺎﺋﺔ ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ، ﻟﻴﻌﻴﺪ ﺍﻷﻗﺮﺑﻮﻥ ﺣﺼﺎﺭ ﺑﻨﻲ ﻋﻤﻮﻣﺘﻬﻢ ﻇﻠﻤﺎ ﻭﻋﺪﻭﺍﻧﺎ، ﻭﺯﻭﺭﺍ ﻭﺑﻬﺘﻨﺎ، ﻭﻟﻴﻘﻄﻌﻮﺍ ﺍﻷﺭﺣﺎﻡ، ﺛﻢ ﻻ ﻳﺠﺪﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﻴﻼ، ﺑﻞ ﺳﻠﻜﻮﺍ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻌﻨﺠﻬﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺑﺮﺓ . ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺃﺣﺲ ﺃﻫﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﻄﺮ ﺑﺎﻟﻔﺠﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺭﺓ، ﻭﺗﻤﺜﻠﻮﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻡ :
ﻭﻇﻠﻢ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﻘﺮﺑﻰ ﺃﺷﺪّ ﻣﻀﺎﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦْ ﻭﻗْﻊ ﺍﻟﺤﺴﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﻨّﺪ
ﻗﻄﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﻜﻌﺒﺔ ﺍﻟﻤﻀﻴﻮﻡ، ﺳﺘﻨﺠﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﻦ ﻭﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ، ﻭﻗﺪ ﺷﻬﺪ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺑﻤﺎ ﻗﺪ ﺻﻨﻌﺖ ﻷﻫﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﻏﺰﺓ ﻫﺎﺷﻢ ﻣﻦ ﻋﻮﻥ ﻛﺮﻳﻢ، ﻭﻗﺎﻫﻢ ﺯﻣﻬﺮﻳﺮ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻭﻇﻼﻡ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ، ﻭﺗﻠﻚ ﺻﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻲ ﻣﺼﺎﺭﻉ ﺍﻟﺴﻮﺀ .
ﻭﻫﻲ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ :
ﻣﻦ ﻳﻔْﻌﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻻ ﻳﻌْﺪﻡ ﺟﻮﺍﺯﻳّﻪ ﻻ ﻳﺬﻫﺐ ﺍﻟﻌﺮْﻑ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺳﻴﻔﺸﻞ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺍﻵﺛﻢ، ﻭﺳﻴﺨﺮﺝ ﺃﻫﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﻄﺮ ﺃﻋﺰﺓ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻟﻢ ﻳﻤﺴﺴﻬﻢ ﺳﻮﺀ، ﺑﻞ ﻧﺎﻟﻮﺍ ﺳﺆﺩﺩﺍ ﻭﺷﺮﻓﺎ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗﺎﻃﻌﻬﻢ ﺍﻷﻗﺮﺑﻮﻥ ﻇﻠﻤﺎ ﻭﻋﺪﻭﺍﻧﺎ، ﻭﺍﺗﻬﻤﻮﻫﻢ ﺯﻭﺭﺍ ﻭﺑﻬﺘﺎﻧﺎ، ﻭﻓﻮّﻗﻮﺍ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺳﻬﺎﻡ ﺍﻟﻈﻦ ﻭﻫﻮ ﺃﻛﺬﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺗﻤﻨﻮﺍ ﻟﻬﻢ ﻣﻘﺎﺗﻞ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺟﺮﻡ ﺍﺭﺗﻜﺒﻮﻩ .
ﺳﻴﻜﺴﺐ ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﻮﻥ ﺻﻼﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺑﺘﻬﻢ، ﻭﺳﻴﻜﺴﺒﻮﻥ ﻣﺮﺍﻧﺎ ﻭﻣﺮﺍﺳﺎ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻱ ﻗﺒﻞ ﻭﻫﻲ ﺧﺒﺮﺓ ﻻ ﺗﺸﺘﺮﻯ ﺑﺎﻷﺛﻤﺎﻥ ﺗﺤﻤﻴﻬﻢ ﻋﺎﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻭﺗﻘﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻭﺳﻴﺪﻓﻌﻬﻢ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺍﻵﺛﻢ ﻃﺎﻝ ﺃﻭ ﻗﺼُﺮ ﺇﻟﻰ ﺳﺪّ ﺧﻠﺘﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﺗﺰﺭﻋﻪ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻭﺳﻴﺴْﻘﻮﻥ ﻣﻦْ ﻏُﺪَﺭﻫﻢ ﻭﻳﻄﻌﻤﻮﻥ ﻣﻦ ﻛﺴْﺒﻬﻢ، ﺛﻢ ﻳﻌﺘﺎﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺤﻨﺔ ﻓﻴﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﺩﺃﺏ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺳﻠﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﻤّﻀُّﺮٍ ﻭﺗﻤَﻌْﺪُﺩْ ﻭﺧﺸﻮﻧﺔ ﻭﺻﺒﺮ، ﺗﺤﻤﻴﻬﻢ ﻏﺪﺭ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﻋﺎﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ .
ﻭﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﺤﺼﺎﺭ ﺃﻥ ﻳﻤﺘﺪ ﺇﻟﻰ ﺃﺟﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻤﻰ، ﻓﺘﻠﻚ ﻣﺸﻴﺌﺔ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ، ﻭﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻟﻠﺘﺎﺭﻳﺦ ﺷﺄﻥ ﺁﺧﺮ، ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﻥ ﺯﻣﺎﻥ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻢ “ ﻭﻋﺪْﺗﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺑﺪﺃﺗﻢ ” ﺁﺫﻥ ﺑﺎﻟﺸﻬﻮﺩ، ﻭﺳﻴﻨﻔﺮﻁ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻚ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻭﺗﻄﻮﻑ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺑﺎﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﻭﺗﻌﺮﻛﻬﺎ ﺑﺮﺟﻠﻴﻬﺎ، ﻭﺗﺼﺒﺢ ﻛﻞ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺧﺮﺑﺎ ﻳﺒﺎﺑﺎ ﺗﻨﻌﻰ ﻣﻦ ﺑﻨﺎﻫﺎ، ﺛﻢ ﻳﺆﺗﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻠﻜﻪ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ !
ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﻐﺔ ﻻ ﻏﺎﻟﺐ ﻭﻻ ﻣﻐﻠﻮﺏ ﻓﺴﻴﻜﻮﻥ ﻧﺼﺮﺍ ﻟﻸﺧﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﻗﻄﻴﻌﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ، ﻭﺳﻨﺸﻬﺪ ﺁﻳﺔ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺍﻻﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﺔ ﻟﻘﻄﺮ، ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﺪﺭﺗﻪ ﺳﻠﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ ﻟﺘﺄﻛﻠﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻭﻟﻢ ﺗُﺒْﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻘﻴﺔ ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﺁﻳﺎﺗﻪ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﺑﺎﻃﻞ ﻭﺯﻭﺭ .